Saturday, January 11, 2014

تيسلا.. الرجل الذي اخترع القرن العشرين



Header

تيسلا.. الرجل الذي اخترع القرن العشرين
1/11/2014
تاريخ النشر: 11 تشرين الأول/يناير2014
 
 المجتمع العلمي
 
 
   
 
  عندما أرتجت المباني، و انفجرت شبكة المياه، و انطلق أهالي "منهاتن" إلى الشوارع خوفاً منالزلزال.. كان رجال الشرطة وحدهم هم الذين يعلمون الحقيقة. فلم تكن سوى أن "نيكولا تيسلا" المخترع العبقري غريب الأطوار قد عاد إلى ممارسة حيله و ألاعيبه الغامضة... و بالفعل فلقد كانوا على حق.. فعندما اقتحموا مختبر أبحاث "تيسلا" وجدوه وسط حطام آلة غريبة معقدة.. و كان ما يزال يدمرها بقسوة مستعملاً مطرقة ثقيلة.. تطلع الرجل اليهم قائلاً: "لقد فات الأوان أيها السادة... انتهت التجربة.. و حطمت جهاز ارسال الذبذبات الديناميكية بعيد المدى الذي صنعته.. لم يكن كبيراً جداً.. و لكنه كان قوياً بما يكفي لتحويل ناطحة سحاب "امبايرستيت" إلى كومة من الحجارة خلال دقائق.. لو استعملته هنالك.."
  أحتفل العالم يوم 7 يناير الجاري بذكرى وفاة الفيزيائي و المخترع و المهندس الميكانيكي Nikola Tesla "نيكولا تيسلا" الذي عرف بأنه هو الذي ابتكر التيار الكهربائي المتناوب و التي تعتمد عليه معظم المحركات الكهربائية في عصرنا الحالي، كما أنه هو الذي اخترع الدينامو لتوليد الكهرباء من الحركة الميكانيكية و الذي لا غنى للسيارات عنه.  هذا العالم المغمور نسبياً الذي قال التاريخ فيه كلمته، و الذي عُرِفَ بسبب مساهماته الثورية في مجال الكهرومغناطيسية في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين، يعتبره العلماء بالفعل أنه "أبو الفيزياء" و أطلق عليه لقب "الرجل الذي اخترع القرن العشرين".
  و المؤرخون يعتبرون التقدم العلمي قد مر بثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي ظهور الآلات البخارية، و المرحلة الثانية هي اكتشاف الكهرباء، و المرحلة الثالثة هي ظهور النظرية الالكترونية المادية. و لهذا تجاوزت سمعة تيسلا سمعة أي مخترع أو عالم آخر في تاريخ أمريكا، لكن أفكاره غير القابلة للتصديق في ذلك الوقت أدّت إلى نبذه و اتهامه بالجنون، و عدم حصوله على حقوقه الكاملة في تاريخ الابتكار و الاختراع. و لكن مؤخراً أنصف التاريخ "تسيلا"، و حملت أسرع سيارة كهربائية في العالم اسمه، و غيرت شركة جوجل شعارها في يوم ميلاده تقديراً لجهوده في مجال الابتكار و الاختراع.

 روح الدعابة في أرض الأحلام
  ولد "نيكولا تيسلا" لأبوين صربيين في قرية سميلجان في كرواتيا في العاشر من يوليو عام 1856، و يعد من أهم المخترعين و الفيزيائيين و المهندسين على مدار التاريخ الحديث. و تعلم "تيسلا" في مدرسة "البوليتيكنيك" في "غراز" ثم في جامعة "براغ" ثم عمل كمهندس هواتف في "براغ" و"باريس".
  و في بداية حياته العملية ابتكر "تيسلا" نوعاً جديداً من المحركات بدون عاكس للتيار كتيار مباشر. و قد كانت المحركات تعمل على مبدأ دوران حقل مغناطيسي تنتجه تيارات تناوب ذات مراحل متعددة، و هو الطراز أو النموذج الأصلي للمحرك الكهربائي الذي يعمل على التيار المتناوب. و كان هذا الشاب المبدع عالماً لامعاً و باحثاً لا يكلّ و لا يملّ.  و في عام 1883 تقدم للعمل بالفرع الأوروبي التابع لشركة "أديسون"، و تدخل "شارلس باشيلور" لإقناع الشاب بالسفر و التقاء "توماس أديسون" شخصياً، و هو ما حصل بالفعل، و قام بالهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1884م.
  كان أديسون مقتنعاً بالكهرباء المتصلة، أما هذا الشاب فكان ينتقد المولدات الكهربية الموجودة، و زعم أنه يمكن بناء مولدات للطاقة الكهربية تنتج التوتر المتناوب للكهرباء.  و ذهب إلى "أديسون" يوماً يشرح له الفكرة، ففرح بها، و قال له: ابدأ مشروعك و لك مني مكافأة 50 ألف دولار؟!  .. وللأسف صدق "تيسلا" الوعد، و كان يعمل يوميا 18 ساعة سبعة أيام في الأسبوع. و بعد مرور سنة جاءه فرحاً و قد وصل لهدفه و طلب المكافأة الموعودة؟ ضحك أديسون و قال له: أنتم لم تفهموا بعد المجتمع الرأسمالي و روح الدعابة؟ و لم يعطه شيئاً، بل زاد له راتبه زيادة طفيفة، و قال "أديسون": "في عالم التجارة و المال و الصناعة الكل يسرق الكل، و أنا شخصياً سرقت الكثير، و أعرف كيف يسرق المرء جيداً".
  ترك "تيسلا" عمله محبطاً عند "أديسون"، و أسس مختبره الخاص ثم توالت ابتكاراته التي حصل بها على براءات اختراعات للمبتكرات التالية: موتورات متعددة المراحل، مولدات كهرباء، محولات كهرباء لأنظمة التيار المتناوب. و من ثمّ تعرف على "جورج ويستينجهاوس" الذي اشترى منه براءات اختراع الموتور متعدد المراحل مقابل مليون دولار إضافة إلى حقوق الاختراع. و دخل "تيسلا" في مواجهة مباشرة مع "توماس أديسون" حيث كان كل منهما يدافع بشراسة عن ابتكاره في مجال الكهرباء فبينما كان "أديسون" يحاول اقناع الناس بجدارة و كفاية التيار الكهربي المباشر كان تيسلا يبرز أوجه التفوق في التيار الذي ابتكره و اسماه التيار المتناوب، و قد نجح "تيسلا" في النهاية في جعل التيار المتناوب مقبولاً و معتمداً كنظام للطاقة الكهربائية على مستوى العالم.
  ثم قام "تيسلا" بالتعاون مع "ويستنجهاوس" بإنارة معرض "شيكاغو" الدولي، و بنى مولّد شلالات "نياجرا" للطاقة الهيدروكهربائية، و شيد أنظمة تيار متناوب في مناجم "كولورادو" للفضة و غيرها من الصناعات.
  و مع نهاية القرن التاسع عشر و بداية العشرين ارتفع "تيسلا" إلى مقام المشاهير بالمقارنة مع انتشار "أديسون" ، و قد استطاع اختراع و تطوير أدوات كهربائية بناء على الإمكانيات الهائلة للتيار المتناوب و التيار العالي التردد، فابتكر الراديو ، الإنارة عالية التردد ، الأشعة السينية ، بالإضافة إلى وسائل العلاج بالكهرباء .و قد استطاع أثناء إجراءه التجارب الخاصة في مخبره في “مانهاتن” اختراع و تطوير أدوات كهربائية بناء على الإمكانيات الهائلة للتيار المتناوب و التيار العالي التردد، إضافة إلى الراديو ، الإنارة عالية التردد، الأشعة السينية، و وسائل العلاج بالكهرباء.
  وبعد أن عانى من احتراق مخبره قام بإعادة بناءه واستمر في إجراء تجاربه ثم نقل مخبره إلى "كولورادو سبرينجز" فى عام 1899م. و قد بنى جهاز إرسال ضخم مكبر، كما أجرى التجارب في مجال الطاقة الكهربائية اللاسلكية، و الراديو و الرنين الأرضي. ثم درس البرق و استطاع بعدها صنع البرق الصناعي. و لما وصل إلى اختراع التيار المتناوب، تقدم إلى براءة الاختراع؛ و أقنعه "بيربونت مورجان" بعد نيله براءة الاختراع، بالتخلي عنها له، مقابل 216 ألف دولار، و بالرغم من أنه مبلغ كبير في تلك الأيام، لكنه لا يعتد بما قبض بيربونت من 12 مليون دولار!
  ثم عاد إلى نيويورك بتشجيع من "بيربونت" وقام بتطوير نظام عالمي للبث الإذاعي للطاقة الكهربائية باستخدام أجهزة إرسال مكبرة وبنى برجا ضخما لتقوية الإرسال في "واردينكليف لونج آيلند" باعتبارها أول محطة في النظام الكهربائي العالمي الجديد. وبعد أن استلم ما يكفي من "بيربونت" لإخراج المحطة إلى الوجود وإكمالها، توقف التمويل فجأة وانهار المشروع تماماً.
  استمر في الاختراع حتى العشرينات من القرن الماضي، لكن ابتكاراته الجديدة كانت قليلة الأهمية بالمقارنة مع الاختراعات الأولى التي كانت كالسيل الجارف و التي بلغت 700 اختراع على مستوى العالم كله. و قد تنبأ تيسلا بالمايكروويف، و تقنيات حزمة الأشعة، و التلفزيون و محرك يعمل على الأشعة الكونية، و الاتصالات بين الكواكب، و أدوات التداخل الموجي و التي دعيت باسمه منذ ذلك الوقت. في الثلاثينيات من القرن العشرين شارك في مشاريع الطاقة اللاسلكية في كويبيك. بعيداً عن أعماله في الكهرومغناطيسية و الهندسة.
  و بعيداً عن أعماله في الكهرومغناطيسية و الهندسة ساهم تيسلا في تقدم الانسان الآلي و التحكم عن بعد و الرادار و حتى علوم الكمبيوتر و التمدد البالستي و الفيزياء النووية و الفيزياء النظرية. و في عام 1943 صدقت المحكمة العليا في أمريكا على أن تسيلا هو مخترع الراديو.

 رفض جائزة نوبل !!
  قررت الأكاديمية السويدية للعلوم عام 1916 منح "توماس أديسون" و "نيكولا تيسلا" جائزة نوبل للفيزياء مناصفةً لجهودهما في مجال الفيزياء التجريبية لكن "أديسون" رفض تقاسم الجائزة مع "تيسلا"، كما ورفض "تيسلا" مشاطرة الجائزة مع أديسون فحجبت عنهما معاً.
  و قد كان آخر حضور له في مؤتمر صحفي في عام 1940. بعدها أغلقت وسائل الإعلام أبوابها في وجهه باستثناء المؤتمرات الصحفية التي كانت تجرى في عيد ميلاده. عاش بعدها تيسلا محبطاً ومات فقيراً في شيخوخته، و هو يقول: "إن عالم القوة محكوم بديناميكية الغابة، فالغربان و الضباع تنتظر من يأتي بالفريسة، فلا تتعب نفسها كثيراً، و لا تبذل طاقة، و لا تضيع وقتاً في مطاردة الفريسة، مع ذلك فهي موجودة و تستفيد من تعب الآخرين، فهكذا هي الحياة في جانب منها".
  لم يكن تيسلا يهتم بالمال، و توفي فقيراً عن عمر ناهز 87 عاماً في غرفة في فندق في "نيويورك". و قد تم حجز الكثير من الأوراق الخاصة به بما فيها نسخ من ملاحظات مخبرية من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لتظهر بعد عدة سنوات في "متحف تيسلا" في بلجراد بيوغوسلافيا، و لم ينشر المتحف من هذه الملاحظات سوى مقتطفات بعنوان " ملاحظات ينابيع كولورادو".
  الباحثون المعاصرون لتيسلا عدّوه "مخترع القرن العشرين" و القديس شفيع الكهرباء الحديثة. و خلّد اسم "تيسلا" الى جانب اسم "اديسون" حيث أطلق اسم العالمين الكبيرين على معلمين مهمين من معالم جغرافية القمر.

 ومن أقواله الشهيرة:
 - "آخر 29 يوما من الشهر هي الأصعب!"
 - "فضائلنا و عيوبنا لا ينفصلان، مثل القوة و الضعف "
 - "لا أعتقد أن هناك أي شعور يخالج قلب الإنسان يمكن أن يماثل شعور المخترع بعد أن تتحول أفكاره بنجاح إلى واقع، هذه المشاعر تنسيه الطعام و النوم و الأصدقاء و الحب و كل شيء"
 
 
  
 
   د.طارق قابيل
|البريد الالكتروني: tarekkapiel@hotmail.com


------------------------------------------ Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab, Tel:01007834123 Email:ehab10f@gmail.com,ehababoueladab@yahoo.com ------------------------------------------

No comments: